لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الخميس، 17 نوفمبر 2011

"بينَ السَّاعةِ والعنكبوتِ" قصة للأطفال بقلم: سامر أنور الشمالي

بينَ السَّاعةِ والعنكبوتِ
سامر أنور الشمالي
رنَّتْ ساعةُ المنبّهِ.. ولكنّ هشاماً لم يرغبْ في النهوضِ، واكتفى بِفَتْحِ عينيهِ قليلاً.
نظرتْ إليهِ السَّاعةُ بِعَتَبٍ، ولكنَّهُ لم يأبَهْ لها، وأغمضَ عينيهِ. فصاحَتْ بهِ السَّاعةُ:
- قُمْ أيُّها الكسولُ.. فالعُطلةُ انتهتْ صَباحَ اليومِ.
نظرَ هشامٌ إلى السَّاعةِ، ثم قالَ وهو يتثاءبُ:
- أنتِ كسولٌ أيضاً.. فمنذُ سنواتٍ لم تتحرَّكي من مكانِكِ.
كلامُ هشامٍ فاجَأَ السَّاعةَ، فأطرقَتْ مُفكِّرةً، حتى إنَّها نَسِيَتْ أنْ تُحَرِّكَ عَقربيها لدقائقَ عدّةٍ. ثم خَطَرَتْ لها فِكرةٌ ما، فصاحَتْ قائِلةً، وقدْ عادَ عَقرباها إلى الدوران:
- عليكَ أن تُدرِكَ جيّداً.. أنَّ عَملي يقتصرُ على الإشارةِ للوقتِ.
قالَ هشامٌ، وهو يتمطَّى في فراشهِ:
- عملُكِ مُمِلٌّ.
ثم صَمَتَ وهو مُستلقٍ على ظهرهِ، فرأى عَنكبوتاً صغيراً في زاويةِ حُجرتِهِ، فقالَ للساعةِ:
- ربَّما العنكبوتُ الذي يظلُّ في مكانِهِ لمدّةٍ طويلةٍ يُشبِهُكِ.
صرخَتِ السَّاعةُ مُحتجَّةً:
- العنكبوتُ كائِنٌ لا يُقَدِّمُ أيَّةَ فائدةٍ للإنسانِ.
- لكنَّهُ كائنٌ حيٌّ.. يَغزلُ الخيوطَ.. ويَصيدُ الذُّبابَ.
قالَ هشامٌ، وهو ينظرُ إلى العنكبوتِ. فنظرَتِ السَّاعةُ حيثُ ينظرُ هشامٌ، ثم قالَتْ:
- لا يحتاجُ الإنسانُ للعناكبِ.. ولكنَّهُ لا يستطيعُ التخلّي عنِ السَّاعاتِ.
حكَّ هشامٌ شَعْرَهُ، ثم أَمْسَكَ السَّاعة بيدِهِ، وقالَ وهو يتأمَّلُها:
- ومعَ ذلكَ فأنتِ تُشبهينَ العناكِبَ كثيراً، وإنْ كُنتِ أكبرَ حجماً، فكلُّ البيوتِ فيها ساعاتٌ وعناكبُ.
لم تجدِ السَّاعةُ ما تقولُ، فصمتَتْ مُحْرَجَةً، واكتفَتْ بإصدارِ صوتِها الرتيبِ المعهودِ.. تِكْ.. تِكْ.. تِكْ..
قامَ هشامٌ عن سريرِهِ، وهوَ يقولُ:
- كانَ الأمرُ مُسَلِّياً.. لو كانتِ السَّاعاتُ تصيدُ الذبابَ، ولو كانَ للعناكبِ عقاربُ.
وجدَتِ السَّاعةُ كلامَ هشامٍ غريباً، فضحكَتْ كثيراً، حتى إنَّها لم تَقدرْ على مَنْعَ نَفْسِها من الرَّنين.
* * *
غسلَ هشامٌ وجهَهُ، وتناولَ فطورَهُ، ثم بدأَ يُرَتِّبُ كُتُبَهُ في حقيبتهِ المدرسيّةِ، وهو يقولُ مُتأمِّلاً:
- صحيحٌ أنَّ السَّاعاتِ والعناكبَ لا تذهب إلى المدرسةِ.. ولكنَّ هذا لا يَعني أنَّهُ ليسَ في المدرسةِ عناكبُ وساعاتٌ.
نظرتِ الأمُّ إلى ولدِها، وسألَتْهُ بِحَيرةٍ:
- ما هذا الكلامُ الغريبُ؟!.
قالَ هشامُ، وهو يضحكُ:
- المهمُّ أنَّهُ ليسَ في منزلِنا أو المدرسةِ ضفادعُ وقطاراتٌ.. فكلاهما يُصدرانِ أصواتاً قوّيةً ومزعجةً.. تَمنعُنا من الدِّراسة والنومِ.
وضعتِ الأمُّ يدَها على رأسِ ولدِها، وسألَتْهُ:
- هل أنتَ مريضٌ؟.
- أنا بخيرٍ.. ولكنّني أُفَكِّرُ بطريقةٍ جديدةٍ.
أجابَ هشامٌ.
* * *
خرجَ هشامٌ من بيتهِ قاصداً المدرسةَ، وهو يُغَنِّي أغنيةً عن الشَّمسِ التي تُشرِقُ باكِراً كي تذهبَ إلى المدرسةِ حتَّى في أيامِ العطلِ.
كانَتْ أغنيةً غريبةً حقَّاً، والسَّببُ أنَّ هشاماً هوَ مَنْ قامَ بتأليفِ تلكَ الأغنيةِ.




ليست هناك تعليقات: