لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الاثنين، 23 أبريل 2012

"دعاء و اليتيم" قصة للأطفال بقلم: منيرة بوكحيل

دعاء و اليتيم
منيرة بوكحيل/ فرنسا
بعد يوم طويل و شاق هدأت العاصفة و توقف المطر الغزير , هبط الليل في سكينة و إرتدى ثوبه الأسود كعادته و لكن هذه المرة لم يتزين بالنجوم كالعادة و إنما إكتفى بقطع الثلج الذي بدأ يتساقط في هدوء و كأنه لم يمر يوم عاصف

هذا المنظر الجميل جدا لفت نظر دعاء و التي كانت جالسة في غرفتها تراجع دروسها كغيرها من الأطفال المثاليين , اللذين لا ينامون قبل أن يفعلوا هذا ثم ينامون باكرا لكي يستيقظوا باكرا بنشاط و حيوية

و سرعان ما إنتهت دعاء من ذلك إرتمت في أحضان فراشها الدافىء و بقيت تتمتع بذلك المنظر الساحر عبر نافذة غرفتها حتى غلبها النعاس , و في الصباح استيقظت على منظر لا يقاومه الأطفال لأنه يشعرهم بفرحة لا تقدر بثمن و هو الهدية الوحيدة التي لا تشرى , نعم هو غطاء ناصع البياض كسا كل شيء من حوله و الأطفال يلعبون بسعادة و نشاط كبيرين

كل ما رأته دعاء جعلها ترقص من الفرحة , و قامت بما يقوم به كل الأطفال اغتسلت و تناولت فطورها كاملا و طلبت الإذن من والديها بالخروج و مشاركة جيرانها باللعب , و انطلقت كالسهم و دون تردد نحو الخارج فور حصولها على الموافقة .

و بقيت دعاء تلعب طوال الوقت و البسمة لا تفارق وجهها إلى غاية أن وقع نظرها على مظر بإحدى زوايا الشارع المقابل , إنه منظر بشع و مؤلم أفسد فرحتها , طفل صغير مغمى عليه في الأرض يرتدي ثياب بالية مبللة

لقد حرك هذا النظرمشاعرها النبيلة و حسها المرهف و اخلاقها العالية التي تربت عليها ككل الأطفال بدون استثناء

تقدمت نحوه بلطف و حركته بيدها فوجدته جثة جامدة و هامدة , أسرعت دعاء كعادتها لتخبر والدها بما رأته و عثرت عليه , و هو بدوره شكرها على طيبة قلبها و أخلاقها العالية , و على جناح السرعة خرج معها إلى الشارع و حمله إلى المنزل ووضعه في فراش دعاء بطلب منها و غير له ملابسه المبللة و غطاه جيدا , و طلب من دعاء ان تضع الحطب في المدفأة كلما دعت الحاجة لذلك , إلى حين حضور الطبيب لمعاينته
ومن جهة أخرى أم دعاء بادرت بتحضير شربة دافئة لعلها تدفيه و تغذيه
و بعد معاينته شكرهم الطبيب و قال : لقد أنقذ في الوقت المناسب , لو بقي في ذلك المكان مدة أطول لتوفي
و لكن الحمد لله
رد الجميع بصوت واحد
الحمد لله
بقي ذلك الطفل المسكين في ضيافة العائلة الكريمة و هم يرعونه باحسن الرعاية و يعتنون به أحسن العنايةحتى أصبح في صحة جيدة و حال أفضل , حينئذ طلب والد دعاء منه ان يفسر له كيف تركه أهله يموت بين أحضان الثلج و لسعات البرد ووحشة العتمة
نظر إليهم بعينين تملأهما الدموع و صوت يخنقه الألم ممزوج بحزن عميق قائلا
أنا......... أنا …..................أنا يتيم الأبوين وجدت نفسي وحيدا دون عائلة ليس ككل الأطفال أنعم بالحنان و الأمان و الحب و العطف و الإستقرار , ترعرعت في دار الأيتام و اعيش على صدقة الغير كل يوم يمر مثل الذي سبقه لا شيء يتغير أبدا , و منذ مدة قصيرة راودتني فكرة البحث عن عائلتي التي تخلت عني في دار الأيتام و خرجت و لكنني ظللت الطريق و لم استفق إلا و أنا هنا على هذا الفراش الدافئ و أجهش بالبكاء
ردت عليه دعاء بحنان و لطف و صوت يخنقه الدمع : منذ الآن لست وحدك نحن أهلك و سوف نزورك أنت و إخواننا هناك بالدار
و بعد شفاء اليتيم الصغير ذهبوا جميعا غلى دار الأيتام و قص القصة كاملة والد دعاء لمديرة الدار عطفت عليه كعادتها و تفهمته و شكرتهم على ما فعلوه إتجاه ذلك اليتيم الصغير , و هنأت دعاء على نبل أخلاقها و طيبة قلبها و عطفها على اليتيم و مد يد المساعدة للمحتاج و المسكين و حيت روح المسؤولية نحو الآخرين و هي لا تزال في سن صغيرة جدا , و منذ ذلك الوقت إنتشرت قصة دعاء و اليتيم إلى غاية اليوم و أصبح يضرب بأخلاقها العالية المثل و التي هي من أخلاق المؤمن التي أمرنا الله بها و أوصانا بها الرسول الكريم العمل بها صلى الله عليه و سلم
 قال تعالى : ( و إنك لعلى خلق عظيم)

ليست هناك تعليقات: