لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

"أَيْنَ اخْتَفى الليمور ؟" قصة للأطفال بقلم: مهند العاقوص



أَيْنَ اخْتَفى الليمور؟
مهند العاقوص
رسوم: سحر عبدالله
لو سَألتَ جَميعَ حيواناتِ الغابة , لقالوا أنَّ قردان هو أبشعُ حيوانٍ فيها , لكنَّ أمَّهُ لفَّتْ عُنُقَهُ بعِقْدٍ مِنَ الخَرَزِ الأزرق , فهي تراهُ منْ أجملِ حيواناتِ الغابة , وتخشى عليهِ منْ نظراتِ الحاسدين !
ذاتَ صباحٍ استيقظَ الليمور , وراحَ يقفزُ بمرحٍ وسرور , ولمَّا رآهُ الغرابُ قال " أهلاً بقردان النعسان "
أجابَ الليمورُ عاتباً " أنا لستُ قرداً ! أنا حيوانُ الليمور ولا أحبُّ أنْ تناديني بقردان "
ضحِكَ الغرابُ وصاح : حسناً لا تغضبْ يا قردان النعسان !
اتَّجهَ الليمورُ صوبَ أشجارِ الفاكهةِ ليتناولَ فطورَهُ , وهُناكَ التقى بالسنجاب , فراحَ السنجابُ يقلِّد الليمورَ في قفزاتهِ , ويقولُ ضاحكاً " أنا قردان الجوعان "
انزعجَ الليمورُ مِن تصرُّفِ السنجابِ ,فاتجهَ حزيناً إلى البحيرةِ ليرتاح , لكنَّ البطةَ نظرتْ إلى أولادِها وقالتْ " انظروا ! هذا هو قردان الكسلان "
كانَ الجميعُ يسخرونَ منهُ , يضحكونَ على جسدهِ الهزيل , وذيلهِ المُلتفِّ الطويل .
وذاتَ يومٍ قرأ الطَّائرُ الثرثارُ كلماتٍ كتبتْ على ساقِ شجرة ...
" يا أصدقائي الحيوانات ... أنا أحبُّكمْ وأحبُّ هذهِ الغابةَ التي تربَّينا فيها معاً .... لكنَّني لمْ أعدْ قادراً على تحمُّل تعليقاتكمْ الساخرة... أنا راحلٌ عنْ هذه الغابة... سلامي إلى أمّي الغالية "
طارَ الطائرُ الثرثارُ وراحَ يصيحُ " يا أمَّ قردان ...لقد رحلَ قردانُ عن الغابةِ "
تجمَّعَ الحيواناتُ أمامَ الشجرة , كانتْ أمُّه تعانقُ كلماتهِ وتبكي , امتلأتْ عيونُ الجميعِ بالدموع , وكلُّ واحدٍ منهمْ شعرَ بالذنب , فلو عاملوا الليمورَ بشكلٍ جيِّدٍ لما فكَّرَ بالرحيلِ .
نظرتْ أمُّ قردان إليهمْ وقالتْ : لقدْ كسرتمْ قلبي... بسببكمْ رحلَ ابني الوحيد... كيفَ أعيشُ من دونهِ ؟؟؟؟؟؟؟
أخفضَ الجميعُ رؤوسهم خَجَلاً , ثمَّ ذهبوا جميعاً للبحثِ عنهُ , بحثوا في كلِّ مكانٍ منَ الغابة , وتوزعتْ الطيورُ على جميعِ الغاباتِ المجاورة , لكنَّ أحداً منهمْ لمْ يعثرْ على الليمور !
في الصباحِ التالي ... بدتْ الغابةُ كئيبةً حزينةً , فقدْ افتقدتْ الحيواناتُ صيحاتِ الليمورِ , واشتاقتْ الأشجارُ لقفزاتهِ الرشيقة , وأدركَ الجميعُ أنَّ الليمور كانَ مصدراً للسعادةِ والسرور .
كانتْ أمُّهُ تخرجُ كلَّ صباحٍ للبحثِ عنهُ , فتسأل " هلْ شاهدتمْ ابني الليمور ؟ إنهُ جميلٌ وجذَّابٌ وحضورهُ يجلبُ البهجةَ للقلوبِ , لقدْ صارت الغابةُ عجوزاً بعدَ غيابهِ " لكنها لم تتمكن من العثورِ عليه !
وذاتَ يومٍ عادتْ الأفعى الملونةُ إلى الغابةِ , فاجتمعتْ الحيواناتُ للترحيبِ بها ...
سألتْ الحِرباءُ " أينَ كنتِ كلَّ هذهِ المُدَّة ؟ لقد اعتقدنا أنَّكِ رحلتِ إلى الصحراءِ "
أجابتْ الأفعى العجوز : لم أرحلْ ... لكنني وقعتُ في فخِّ الصيادِ... فنزعَ أنيابي وضمَّني إلى فريقِ السرك... نجوبُ المدنَ والقرى ... ونقدمُ عروضاً للأطفالِ "
اندفعتْ أمُّ الليمورِ من وراءِ الجميعِ لتسألَ " هلْ ابني الليمورُ معكم في السيركِ ؟ فهو وسيمٌ ومضحكٌ ".
أجابتْ الأفعى : لا لمْ يكنْ معنا ... لكنْ ربَّما يكونُ في فريقٍ آخر...
أرسلَ الأسدُ عدَّةَ طيورٍ للبحثِ عن الليمورِ في المدنِ والقرى , لكنهم فَشِلوا في العثورِ عليه , وصارَ اختفاءُ الليمورِ لُغْزاً يحيِّرُ العقولَ ويحزنُ القلوبَ .
إلى أنْ جاءَ اليومُ الذي انتظرَتْهُ أمُّ الليمور طويلاً ! فقدْ صاحَ العصفورُ الدوريُّ " لقدْ وجدتُ قردان... وجدتُ قردااااااااااااان "
جنَّ جنونُ أمِّهِ وهي تسألُ بلهفةٍ " أينَ حبيبي الليمور أينَ هو قردان ؟؟؟ "
قالَ العصفورُ بعدَ أنْ التفَّ حولهُ الجميعُ : إنَّهُ في حديقةِ الحيواناتِ القريبة ... مسجونٌ في قفصٍ معدنيٍّ وسقفهُ خشبيٌّ .
أرادتْ أمُّ الليمورِ أنْ تسرعَ إلى ابنها , قبلَ أنْ تسمعَ البومة تقول " لا تستعجلي يا أمَّ قردان... نحتاجُ إلى حكمةٍ وهدوءٍ لتحريرِ ابنك "
كانَ الليمورُ حزيناً في قفصهِ , نادِماً على مغادرَتهِ الغابةَ , مشتاقاً لأصدقاءهِ وأمِّهِ , يقفزُ في القفصِ الصغيرِ ويصيحُ " أعيدوني إلى أمِّي... أنا مثلكم لي أمٌّ أحبُّها وتحبُّني "
لكنَّ الأطفالَ المحيطينَ بالقفصِ , ظنُّوا بأنهُ يلعبُ ويمرحُ , فراحوا يرمونَ لهُ الطعامَ ويضحكون !
عقدت الحيوانات مؤتمرا عاجلا , ووضعوا خطة لتحرير الليمور من سجنه .
تعاون كل من العنكبوت ودودة القز والنملة الخياطة والطائر الخياط , وصنعوا حبلا طويلا متينا ...
عندَ المساءِ تجمَّعت الحيواناتُ عندَ طرفِ الغابةِ , بينما كانَ الغرابُ واقفاً على سورِ حديقةِ الحيوانات , ولمَّا نامَ حارسُ الحديقةِ , طارَ الغرابُ وأخبرَ الحيوانات .
تقدَّم جيشُ النملِ الأبيض , يرافقهم نقَّارُ الخشب والفأرُ والسنجاب , تسلَّقوا السورَ وراحوا يثقبونَ سقفَ السجنِِ الخشبي , وعندما انتهوا , تقدَّمت الزرافةُ ورمتْ الحبلَ إلى الليمورِ , وقامتْ الحيواناتُ القويَّةُ بسحبِ الحبلِ , حتى تمكنَ الليمورُ من الخروجِ وراحَ يقفزُ بعيداً .
عانقتهُ أمُّهُ بينما كانَ الجميعُ فرحينَ بعودتهِ .
صاحَ الحمارُ " علينا أنْ ننقذَ الجميع ... فكلهم مثلُ الليمورِ لهم أم ٌّتنتظرُ عودتهُ "
أنقذَ الأبطالُ جميعَ الحيواناتِ , وانطلقوا منتصرينَ نحوَ غابتهم الجميلة , عادتْ الفرحةُ لتملأَ الغابةَ منْ جدبد ... أدركَ الليمورُ كم هو محبوبٌ , وأدركَ الجميعُ أنَّ الليمورَ حيوانٌ جميلٌ بروحهِ المرحة .
 قالَ الأسدُ " منَ اليومِ تنادونَ الليمورَ باسمهِ الحقيقي"
هتفَ الحصانُ "  واسمهُ الحقيقيُّ هو قردان البهلوان هاها "
ضحكَ الليمورُ كثيراً وضحكَ الجميع ...

ليست هناك تعليقات: