لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

"الهرة و الحصان" قصة للأطفال بقلم: د.نزار أباظة د.شوقي أبوخليل


الهرة و الحصان
د.نزار أباظة
د.شوقي أبوخليل


حَكت جدَّتي فقالت:
إنَّ هرَّةً وحَصاناً كَانا لدى فلاَّحٍ كريمٍ في أحدِ الحُقولِ البعيدةِ عن القريةِ، وكانا يَعيشانِ عيشةً هنيئةَ، فالحصانُ يجدُ العُشبَ الطَّيب والعلفَ اللَّذيذ، ويلقى من صاحبه عنايةً فائقةً، فَيغسلهُ بين الفينةِ والأُخرى، ويُسرَّحُ شعرهُ وذُؤابتهُ، ويزيَّنهُ بالأطواقِ الجَميلةِ، والأجراسِ النُّحاسيَّة، ويتباهى بركُوبهِ بينَ النَّاس كُلَّما ذهبَ إلى القريةِ أو عادَ منها.
كَما كانَ الفلاَّحُ الطَّيبُ يُعنى بالهرَّةِ فيطعمُها بقايا طعامهِ، ويَفتُّ لها الخبزَ باللبنِ، ويُحضرُ لها اللَّحمَ، فَسمِنتْ وقَويتْ... ولكنَّها لم تشكرِ النِّعمةَ التي هي فيها.. بل ملَّت من حياتها في الحقلِ، ولم تعدُ تقومُ بعملها في تنظيفهِ منَ الحشراتِ وتعقُّب الفئرانِ... وصَارت تنامُ طوالَ اللَّيلِ والنَّهارِ.
وفي ذات ِيومٍ وهيَ تتمطّى وتتثاءبُ، قالت للحصانِ: هل أنتَ مَسرورٌ في حياتكَ المُملَّة هذه يا عزيزي؟
قالَ الحصانُ: نعم كلَّ السُّرورِ، فصاحبي رجلٌ طيَّبٌ كريمٌ، يُحبُّني ويُطعمُني، ولا يُحمَّلني ما لا طاقةً لي بهِ.
ضحكَت منهُ وقالت لهُ: إنَّك مخلوقٌ مُغفّلٌ يا عزيزي، فما قيمةُ هذه الحياةِ، وأنتَ حبيسٌ في هذا الحقلِ؟ على عُنقكَ حبلُ عُبوديَّتكَ، لا تستطيعُ أن تُغادرَ ساعةً تتنزََّهُ فيها على هوَاكَ.
وما زالتِ الهرَّةُ بالحصانِ تتحدَّثُ إليهِ بخُبثٍ حتَّى اقتنعَ أنَّه مخلوقٌ مظلومٌ بائسٌ مستعبَدٌ..
فسألها: وما العملُ يا عزيزتي الهرَّة ؟ كيف أفعلُ لأكونَ مثلكِ تستطيعينَ الدُّخولَ والخروج متى تشائين؟


قالتِ الهرَّةُ: الأمرُ بَسيطٌ، فأنا في خِدمتكَ، أمزَّقُ بأسناني هذا الحبلَ المربُوطَ بالشَّجرةِ، وننطلقُ معاً في البراري... وهكذا عالجت الهرَّةُ الحبلَ المربوطَ فقطعتهُ وخرجا يتراكضانِ في الأُفقِ الفسيحِ. وما هي إلا سويعاتٌ قليلةٌ حتى ابتعدا عن الحقلِ كثيراً، وجلسا يستريحانِ بجانبِ نهرٍ غزيرِ الماءِ..
وفجأةً ظهرَ على البُعدِ نمرٌ جائعٌ يركضُ نحوهُما، ووَجدَ فيهما صيداً سميناً، فركضَ الحصانُ نحو النَّهرِ ليسبح وينجوَ من النَّمرِ، فقالتِ لهُ الهرَّةُ: ماذا أفعلُ وأنا لا أَعرفُ السَّباحةَ؟ قال لها: اصعدي فوقَ رقبتي.. وهكذا نَجا الحصانُ والهرَّةُ كلاهُما، حتى وَصلا إلى برَّ الأمانِ.


وعلى الشاطئِ الآخرِ قالَ الحصانُ للهرَّةِ: هذا جزائي أخذتهُ سَريعاً، لأَّنني سمعتُ رأيكِ المنُحرِفَ ...
فأنا وأنتِ لم يخلُقنا الله للبراري.. وإنَّما خلقنا للحقولِ والعملِ... فإذا مللت أنتِ فيمكنكِ أن تُغادري حيث تشائينَ..
واتركيني وشأني عند صاحبي، فأنا وفيٌّ لا أغدرُ بهِ مثلكِ، لئلاَّ ألقى جزاء الغدرِ.
قالتِ الهرَّةُ: أنت على حقًّ يا عزيزي، فأنا عائدةٌ معكَ إلى الحقلِ، ولن أملَّ بعد اليومِ.. وبعد هذا الدَّرسِ الذي تلقَّيناه معاً.

ليست هناك تعليقات: