لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الجمعة، 14 مارس 2014

"مصنع الأحلام"قصة للأطفال بقلم: سماح أبوبكر عزت

صورة أرشيفيةمصنع الأحلام
سماح أبوبكر عزت
أنا مصنع الأحلام، أعيش مع الأطفال أحلامهم، بين أنامل «على» الصغيرة أتحوَّل لقلعة حصينة شاهقة، وبمهارة مدهشة تحولنى أنامل «أدهم» لسيارة رائعة ينطلق بها فى كل مكان، تحتضننى أنامل «ليلى» الرقيقة فأصير دُمية جميلة تحمل ملامحها وتحملها بحب وحنان.
أحلام رغم جمالها فإنها على الرمال تستمر لثوانٍ، يفرح بها أصدقائى الأطفال لكنها سرعان ما تتلاشى حين تلمسنى الأمواج.. تمضى أيام الصيف وأفتقد كل الأحلام التى شيّدتها، ربما ينساها أصحابها الأطفال لكنى أظل أعيش معها، لا تفارقنى صورتها؛ فهى الشىء الوحيد الذى يمنحنى البهجة والصبر على قسوة أيام الشتاء، ومهما عصفت بى الرياح دائما أنتظر لحظة اللقاء.
هل للرمل أحلام؟ سؤال همست لى به موجة مشاغبة تصطدم دائماً بأى حلم شيَّده الأطفال، وفى كل مرة تتبعها لعبة من لعب الأطفال لترحل معها وتلهو بين الأمواج، جاروف، جردل أو كرة، وغيرها من أدوات البحر التى يرسم بها الأطفال أحلامهم على الرمال.. تتغير وجوه الأطفال فى كل عام، لكنى لا أنسى وجه طفل شاركته حلمه ورسمت بسمة على ملامحه.. ومن بين وجوه كل الأطفال وجه لم يفارقنى رغم أنه لم يقترب منى، لم أشاركه أى حلم، ولم تلمس أنامله يوماً ذراتى الصغيرة وتلتصق بها.. وجه «وحيد»، ابن حارس الشاطئ، كنت ألمحه من بعيد يجلس وحيداً فى قارب صغير على الشاطئ، تطفو حوله الأسماك فيقتسم معها طعامه، تحلِّق فوقه النوارس تقف على حافة القارب فيغنى معها..
من بعيد، كان «وحيد» يتأمل الأطفال بابتسامة، يتابع بفرحة أحلامهم ويضحك عندما يراها تجسدت على الرمال، وسرعان ما يحزن عندما تتلاشى الأحلام بين الأمواج، أصيب «وحيد» منذ صغره فى حادث أثَّر على قدميه فلم يستطِع أن يسير كبقية الأطفال، يحمله والده ليتنقَّل من مكان لمكان، لكنه رغم ذلك كان يحمل قلباً يحب كل البشر والكائنات، ملامحه تسكنها ابتسامة جميلة تشرق بحب وصفاء.
كان حلمى الوحيد أن أرى «وحيد» يشيِّد أحلامه على الشاطئ مثل بقية الأطفال، همست للموج بحلمى فقال: على جدار القارب رسم «وحيد» طائرة.. وأكمل النورس الحلم فقال: كم تمنى أن يصحبنى فى رحلة بين السحاب. تسابقت كل الأمواج لتحقق حلم «وحيد»، اندفعت موجة حاملة أدوات الأطفال التى تبعتها، بسرعة حفر الجاروف وساعدته أنا ليجمع أكبر قدر من ذراتى، هدأت رياح الشتاء حتى لا أتناثر وبدأت ملامح الحلم تتشكل، أقبلت موجة أخرى ومعها عربة أطفال انتزعت منها إطارين، وجاءت موجة ثالثة تحمل بقايا شبكة صيد نزعت خيوطها لتثبت الإطارين، وتسابقت الأمواج، كل منها تحمل قطعة من إسفنج البحر ثبتتها كجناحين للطائرة التى حلم بها «وحيد» وأهدى البحر أجمل أصدافه لتزين الطائرة الساحرة.. كانت الشمس ترقب خطوات الحلم بسعادة فأهدته خيوطها الذهبية وما لمسته حتى ارتفعت الطائرة وحلقت حول «وحيد»، فرح «وحيد» وهو يحلِّق فى السماء يقود حلمه وحوله طيور النورس والعصافير يغنى معها، طاف «وحيد» بطائرته فى كل مكان، لم يعد يشعر بالوحدة بل منحه الحلم السعادة والأمان.

ليست هناك تعليقات: