لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الخميس، 18 فبراير 2016

"التِينَةُ الضَاحِكَةُ " قصة للأطفال بقلم: سعاد الخرّاط



التِينَةُ الضَاحِكَةُ
سعاد الخرّاط

اِعْتَادَتْ التِينَةُ الضَاحِكَةُ أَنْ تَسْتَيْقِظَ عِنْدَ الْفَجْرِ وَتَسْتَقْبِلَ الشَمْسَ بِابْتِسَامَتِهَا الْجَمِيلَةِ. إِلَى أَنْ نَضَجَتْ وَحَانَ قِطَافُهَا. فَصَارَتْ زِينَةَ الْحَقْلِ.
     نَصَحَتْهَا أَخَوَاتُهَا بِإِخْفَاءِ اِبْتِسَامَتِهَا وَالاِخْتِبَاءِ بَيْنَ الْأَوْرَاقِ حَتَّى لاَ تَصِلَهَا الْأَيْدِي. وَلَكِنَّهَا رَفَضَتْ وَقَالَتْ : سَأَمْنَحُ مَنْ يَلْمَسُنِي طَاقَةً عَجِيبَةً.
---------
وَصَادَفَ أَنْ شَاهَدَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سَعِيدُ وَلَدُ الْعَمِّ مُخْتَار فَلاَّحِ الْحَقْلِ. فَأُعْجِبَ بِهَا. وَكَانَ بِرِفْقَةِ أَخِيهِ سَعْدُون. وَحَاوَلَ أَنْ يَقْطِفَهَا. فَلَمْ يَسْتَطِع الْوُصُولَ إِلَيْهَا. كَانَتْ تَحْتَلُّ مَكَانًا مُرْتَفِعًا مِنَ الشَجَرَةِ. صَعِدَ سَعِيدُ عَلَى كَتِفَيْ أَخِيهِ سَعْدُون مُمْسِكًا بِيَدِهِ عَصًا. وَهَمَّ بِضَرْبِ التِينَةِ.
شَعُرَتْ التِينَةُ الضَاحِكَةِ بِالْخَطَرِ فَانْزَعَجَتْ وَانْكَمَشَتْ. فَنَصَحَتْهَا أَخَوَاتُهَا بِالاِخْتِفَاءِ بَينَ أَوْرَاقِ الشَجَرِ.
----------
تَرَاجَعَ سَعِيدُ فِي اللَحْظَةِ الْحَاسِمَةِ وَأَلْقَى الْعَصَا مِنْ يَدِهِ. فَقَدْ شَاهَدَهُ وَالِدُهُ مِنْ بَعِيدٍ. فَجَاءَ يَجْرِي وَهْوَ يُرَدِّدُ: "يَا بُنَيَّ التِينُ لاَ يَحْتَمِلُ الضَرْبَ بِالْعَصَا." وَطَلَبَ سَعِيدُ مِنْهُ الْمُسَاعَدَةَ. فَقَطَفَهَا لَهُ أَبُوهُ. وَمَا إِنْ لَمَسَ الْأَبُ التِينَةَ الضَاحِكَةَ حَتَّى صَارَ أَكْثَرَ شَبَابًا وَحَيَوِيَّةً. أَخَذَهَا سَعِيدُ فَابْتَهَجَ وَصَارَتْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَرَحِ عَجِيبَةً. اِحْتَفَظَ بِهَا فِي سَلَّتِهِ. وَظَلَّ يَلْهُو بِحَمَاسٍ. وَيَهُزُّ السَلَّةَ بِقُوَّةٍ.
---------
اِنْطَلَقَت التِينَةُ الضَاحِكَةُ مِنَ السَّلَّةِ وَارْتَفَعَتْ فِي الْفَضَاءِ وَكَادَتْ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ لَوْلَا مَهَارَةُ سَعْدُون. فَقَدْ أَمْسَكَهَا بِسُرْعَةٍ عَجِيبَةٍ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ. لَقَدْ كَانَ سَعْدُون لاَعِبَ كُرَةٍ مَاهِرٍ. فَصَارَ أَكْثَرَ مَهَارَةً.
----------
فِي الْبَيْتِ تَحَلَّقَ أَفْرَادُ الْعَائِلَةِ حَولَ التِينَةِ الضَاحِكَةِ يَتَأَمَّلُونَ جَمَالَهَا. أَخَذَتْهَا أُمُّ سَعْدُون بَيْنَ يَدَيْهَا وَنَظَّفَتْهَا.
--------------
كَانَتْ أُمُّ سَعْدُون تَشْكُو مِنْ آلاَمٍ فِي الظَهْرِ. بِمُجَرَّدِ أَنْ لَمَسَت التِينَةَ الضَاحِكَةَ فَرَّتْ آلاَمُهَا مِنْ جِسْمِهَا وَازْدَادَتْ قُوَّةً وَجَمَالاً. وَأَضَاءَت الْاِبْتِسَامَةُ وَجْهَهَا. اِكْتَشَفَ الْجَمِيعُ السِرَّ الْعَجِيبَ لِلتِينَةِ الضَاحِكَةِ. فَسَعِدُوا بِهَا. وَصَارُوا يَنْظُرُونَ إِلَى بَعْضِهِمْ وَهُمْ يَضْحَكُونَ. وَتَقَاسَمُوهَا. فَأَصْبَحُوا يَتَمَتَّعُونَ بِالصِحَّةِ وَالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ الْعَجِيبَةِ عَلَى الْمَرَحِ.
---------
اِشْتَهَرَت الْعَائِلَةُ فِي الْقَرْيَةِ بِمَرَحِهَا وَمَيْلِهَا لِلضَحِكِ. مِثْلَمَا اِشْتَهَرَتْ التِينَةُ بَيْنَ ثِمَارِ التِينِ بِبَهْجَتِهَا وَابْتِسَامَتِهَا الْجَمِيلَةِ.