لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الخميس، 7 أبريل 2016

"الباندا الصغير " قصة للاطفال بقلم: طلال حسن



الباندا الصغير
  طلال حسن
                                       
  " 1 "
     عند باب الكوخ ، وقفت وانغ ، وإلى جانبها صغيرها تسان، تودع زوجها زياو ، كما تفعل دائماً ، عندما يخرج للصيد .
وسار زياو مبتعداً ، فهتفت وانغ : زياو ، لا تتأخر ، سننتظرك للغداء .
وردّ زياو ، دون أن يلتفت : سأحاول ، لكن إذا تأخرت تغديا ، أنت وتسان .
وصاح تسان : بابا .
وتوقف زياو ، والتفت إليه مبتسماً ، فقال تسان : أريد باندا .
وضحكت وانغ قائلة : باندا !
ونظر تسان إليها ، وقال : باندا صغير .
وكفت وانغ عن الضحك ، وقالت : لكن للباندا الصغير أماً ، يا تسان .
ولاذ تسان بالصمت لحظة ، ثم قال لأبيه : حسن ، جيء بأمه معه .
وضحك زياو ، واستأنف سيره ، يا للغرابة ، فمنذ أن كان في عمر تسان أحبّ الباندا ، وطالما تمنى أن يكون له باندا صغير ، وهاهو صغيره تسان يحب الباندا أيضاً ، ويتمنى ما تمناه هو في صغره .
وسيعرف تسان ، كما عرف أبوه مع الزمن ، أن الحصول على باندا ليس بالأمر الهين ، فالباندا يعيش منعزلاً حذراً ، في غابات  الخيزران الواسعة الكثيفة ، وهو ما إن يلمح ‘إنسانا من بعيد ، حتى يتوارى في غابات الخيزران الكثيفة ، دون أن يترك أي أثر .

   " 2 "
ــــــــــــــــ    
توغل زياو في غابة الخيزران ، باحثاً عما يصطاده ، دون جدوى .وعند منتصف النهار ، قفل عائداً إلى البيت ، وإذا به يرى ، بين الخيزران ، باندا صغير يغط في النوم . 
وتوقف متلفتاً ، ترى أين أمه ؟ وفكر أنها ، ربما ، انتهزت فرصة استغراقه في النوم ، فراحت تأكل ، ما طاب لها من أغصان الخيزران وأوراقه .
وعلى الفور ، مدّ يديه ، وأخذ الباندا الصغير إلى صدره . آه ، يا للفرح ، إنه أفضل هدية يقدمها اليوم لصغيره تسان . وفتح الباندا الصغير عينيه ، وما إن رأى زياو ، حتى جأر بأعلى صوته ، كأنه يستغيث : ماما .
وانطلق زياو حاملاً الباندا الصغير ، يشق طريقه مسرعاً ، بين الخيزران الكثيف ، خشية أن تلحق به الباندا الأم ، فتفتك به ، أو تستعيد منه صغيرها عنوة .
ومن بعيد ، سمع وقع أقدام ثقيلة ، تركض في أثره ، وتسحق في طريقها ، شجيرات الخيزران الغضة ، إلا أنه لم يلتفت ، ومضى قدماً باتجاه البيت ، والباندا الصغير يجأر بين يديه .

   " 3 "    
ـــــــــــــ
كاد تسان يطير فرحاً ، حين أقبل أبوه ، وقدم له الباندا الصغير ، وقال : تسان ، خذه ، هذا هو الباندا الذي أردته .
وأخذ تسان الباندا الصغير بين يديه ، وتمايل متداعياً تحت ثقله، لكنه تماسك ، وقال : آه ما أجمله .
ومدت وانغ يديها إليه ، وقالت : إنه ثقيل ، دعني أحمله عنك .
وتراجع تسان بالباندا الصغير ، وقال : لا ، أستطيع حمله .
ورمقت وانغ زوجها زياو ، دون أن تتفوه بكلمة ، ثم انصرفت لإعداد الطعام . وشعر زياو أن وانغ غير مرتاحة من وجود الباندا الصغير ، لكنه تجاهل ذلك ، وتمدد في فراشه ، علّه يرتاح من عناء الذهاب إلى الغابة والعودة منها .
وطوال ساعات ، حاول تسان استرضاء الباندا الصغير ، أو إطعامه ، دون جدوى . وتطلع إلى أبيه ، كأنه يستنجد به ، فقال زياو : إنه باندا صغير ،  ولعله لا يتناول غير الحليب .
ونهض تسان ، وقال : سأسقيه قليلاً من حليب بقرتنا .
ورمق زياو زوجته وانغ بنظرة خاطفة ، وقال : حاول ، ربما يشرب .
وأسرع تسان ، وجاء بقليل من الحليب ، قدمه للباندا ، وقال متوسلاً : هذا حليب لذيذ ، إشرب ، اشرب .
لكن الباندا الصغير أشاح بوجهه ، وجأر بصوت باك ، كأنه ينادي أمه : ماما .
ووضع تسان إناء الحليب جانباً ، وقال : لعله شبعان ، سيشرب حين يجوع .
وحلّ الليل ، وحان موعد نوم تسان ، فنهض متثائباً ، والباندا الصغير بين يديه ، وقال : يبدو أنه نعسان ، سآخذه معي إلى الفراش .
وهزّت وانغ رأسها ، فقال زياو : خذه إذا شئت ، لكنه لن يدعك تنام .
ومضى تسان إلى فراشه ، حاملاً الباندا الصغير ، وهو يقول : سيدفئني وأدفئه ، فننام حتى الصباح .

   " 4 "
ـــــــــــــ    
رقد زياو في فراشه ، مفكراً في صغيره تسان ، والباندا الصغير . وأقبلت وانغ ، وتمددت إلى جانبه ، دون أن تتفوه بكلمة .
وتنهد زياو ، وقال : أرجو أن يكون تساو قد نام .
فردت وانغ قائلة : لم ينم ، ولن ينام .
ثمّ إلتفتت إليه ، وقالت : الباندا لم يأكل شيئاً .
وردّ زياو متردداً : سيأكل ، لنصبر قليلاً .
وقالت وانغ : زياو ، إنه باندا صغير جداً ، ولعله لم يفطم بعد .
وقبل أن يرد زياو ، ارتفع من الخارج ، جئير حزين ممطوط . واعتدل زياو ، وقال : أنصتي ، هذا ليس صوت الباندا الصغير.
وارتفع الجئير ثانية ، فاعتدلت وانغ ، وقالت : أنت محق ، لعله صو ت أمه .
وتذكر زياو وقع الأقدام ، التي لاحقته في غابة الخيزران ، فهبّ من فراشه ، وتطلع من النافذة .وعلى ضوء القمر ، رأى الباندا الأم ، تقف متململة ، وعيناها المشتعلتان غضباً مصوبتان نحو كوخهم .
ومضى زياو إلى صغيره تسان ، فأسرعت وانغ في أثره ، وإذا تسان في فراشه ، والباندا الصغير يتململ متضايقاً بين يديه . وما إن رآهما تسان ، حتى صاح : كاد الباندا ينام ،فلماذا أتيتما؟
ونظر زياو إلى وانغ ، ثم إلتفت إلى تسان ، وقال : بني ، أمه في الخارج ، تناديه .
وأطبق تسان يديه على الباندا الصغير ، وصاح بأعلى صوته : كلا ، إنه لي ، ولن أتخلى عنه.
ومدت وانغ يدها إلى زياو ، ولمست ذراعه برفق ، وقالت :زياو ، لنذهب الآن ،هيا .
ونظر زياو إلى صغيره تسان ،ثم قفل عائداً الى فراشه ، ووانغ تسير وراءه صامتة .


" 5 "
ـــــــــــ
    تمدد زياو في فراشه ، وإلى جانبه تمددت زوجته وانج ، دون أن يتفوه أحدهما بكلمة واحدة .وظلا يتقلبان على جمر جئير الباندا الأم : حتى استغرقا في النوم .
وعند الفجر ، أفاق زياو ، وفوجئ بزوجته وانغ قد أفاقت قبله، فتطلع إليها ، وقال :أنصتي ، إنني لا أسمع جئير الباندا الأم .
وأنصتت وانج ، ثم قالت : وكذلك الباندا الصغير ، إنني لا أسمعه يجأر .
وتابع زياو قائلا : من يدري ، لعل الباندا الأم قد ذهبت .
واعتدلت وانغ ، وقالت :هذا مستحيل .
وتطلع زياو إليها ، فقالت : إنها أم .
ونهضت وانج من فراشها ،ومضت إلى تسان . ونهض زياو بدوره ، وأسرع في إثرها . ودخلا الغرفة ، وإذا تسان ، يجلس في فراشه ، وعيناه غارقتان  بالدموع .
فأسرعت وانج إليه ، وقالت : يبدو أن الباندا الصغير قد هرب .
فرد تسان بصوت باك ، وهو يرتمي في أحضانها : لا ، لم يهرب ، وإنما فتحت له الباب ، فمضى إلى أمه .

ليست هناك تعليقات: