لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

"لا تَبْكِ يا زِيزو" قصة للأطفال بقلم: د.عبير حسن

لا تَبْكِ يا زِيزو

قصة ورسوم: عبير حسن
أَخِي الصَغِيرُ عَبْدُ العَزِيز عِنْدَهُ ثَلاثَةُ أَعْوامٍ، وَهُوَ يَكْرَهُ الاسْتِحْمَام. إنهُ يَخْشَي الصَابُون. وَيَبْكِي بِمُجَرَدِ أن تَقُولَ لهُ ماما: هيا لِتَسْتَحِمَ الآن. إنهُ يَبْكِي قَبْلَ الاسْتِحْمَام، وفي أَثْنَاءِ الاسْتِحْمَام، وأَحْيَاناً أَيْضَاً بَعْدَ الاسْتِحْمَام، وَيَصْرِخُ وَيَقُول: الصَابُون.. آه.. عَينِي. مَعَ أَنَهُ يَسْتَحِمُّ بِصَابُونٍ خَاصٍّ لِلأَطْفَال، لا يُؤذِي العَيْن!
في الظَهِيرَةِ.. جَلسْتُ أُدَاعِبُ أخي الذي يُحِبُّ أن أُناديَه "زِيزو". فهو ظَريفٌ جِداً بَعِيداً عن الاسْتِحْمام.. إنهُ يَقِفُ بِجَانِبي يُقَلِدُ حَرَكَاتي التي أَقُومُ بِها.. فَأنا مُشتَرِكٌ في فَرِيقِ الكَاراتيه باِلنادي.. وَعِندَما أَعُودُ لِلمَنْزِلِ، أَتَدَربُ علي أَدَاءِ بَعْضِ الحَرَكات. فَيأتي زِيزو مُسرعاً عِندما يَراني وَهُو يَضْحَكُ، ويَقِفُ أَمامي لِيُقَلِدَنْي.. فَيفعَلُ مِثْلَما أَفعل، كَما يُرَدِدُ خَلفي الكَلِماتِ التي نَقُولُها في تَدْرِيباتِ الكَاراتيه، وَلَكِن بِطَرِيقَةٍ مُضحِكةٍ مِثْل: مِيجي.. أي يَمِين، وهَيداري.. ومَعْنَاها يَسار، هَايسوكو دَاتش.. أَي انْتِباه.. وسَرْعَانَ ما يَتَطَوَرُ الأَمْر، فَأشْتَبِكُ مَعَهُ بِلُطفٍ، ونَتَشَقْلَبُ مَعاً عَلي الأَرْضِ، وكَأَنْها مُبَاراةُ كَاراتِيه حَقِيقِيْة، والَتْي عَادَةً ما تَنْتَهي بِهَزِيمَتي وَاسْتِسْلامي، حَتى نَتَجَنَبَ بُكاءَ زِيزو. لَقَدْ أَصْبَحَ هَذا المَشْهَدُ فَقْرَةً كُومِيدِيَةً يَومِيَةً في مَنْزِلِنا، يَضْحَكُ فيها الجَمِيعُ. ولَكِنَ المُشْكِلَةَ أَنَهُ لا يُرِيدُ أن يَتَوَقَفَ أبَداً عن اللَعِب.
واليومَ بَعْدَ كُلِّ هذا الضَحِكَ والانْسِجام.. نادتْ عليهِ أُمي لكي يَسْتَحِم. وكما هو مُعتادٌ ومُتَوَقَّعٌ.. أخذَ زيزو في البُكاءِ والصُراخَ معلناً رفضَهُ للاسْتِحْمام. وفجأة خَطرتْ لي فكرة.. فقلتُ لأمي: ماما.. اترُكي لي زيزو ، سأُرافِقُه هَذِه المرة في الاستِحمام. نظر إلي زيزو نظرةً ماكرة، واسْتَمَر في الكَلامِ مُتَصَنِعَاً البُكاء: لا.. حَمَّام لا.. صَابون لا. اقْتَرَبتُ مِنه وقُلتُ له فيما يُشْبِه السِر: هيا يا زيزو.. سَنَلْعَبُ مُباراةً داخِلَ البانيو المُمْتَلِىءِ بِالماء.. ثُم قُمت بأداءِ أحدِ حَركاتي المَشْهورةِ في الكاراتيه. ضَحِك زيزو وظَهَرَتْ أسنَانُه التي لم تَكْتَمِلْ.. فأمسَكْتُ بيدهِ وتَوجَهنا إلي الحَمَّام .
بَعدَ فَترةٍ قَصيرةٍ مِن الزَمنِ.. خَرَجَ زيزو مِن الحَمَّامِ جَميلاً نَظيفاً، يُمسكُ بِيَّدِي في سَعادَة.. فلا بُكاءَ، ولا شَكوى مِن أثرَ الصَّابونِ في عَيْنَيهِ.
وفي غُرْفَتِنا.. وَقَفَ زيزو أمامي مُستعداً ليفْعَلَ مِثلَما أَفْعَل.. ويُصدِر أصْوات مِثلي فَيُرَدِد خَلْفي: هي.. ها.. هو.. هايسوكو داتشي.. وعِندما انتهتْ مباراتُنا معاً، اقْتَرَبَ مِني زيزو وَهَمَسَ في أُذُنِي قائِلاً: مَتى سَأسْتَحِمُّ مرةً أُخْرَي؟
عَجِيبٌ أمرُ زيزو! الآن يُحِبُّ الاسْتِحْمامَ! إنه أخِي الصَغِيرُ الذي أُحِبُّه.

ليست هناك تعليقات: