لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الأحد، 2 يوليو 2017

"الكشكوشة الصغيرة " قصة للأطفال بقلم: طلال حسن



الكشكوشة الصغيرة
 بقلم: طلال حسن

    أدركت الكشكوشة الصغيرة ، بينها وبين نفسها ، بأنها ضعيفة ، لا لأنها صغيرة ، بل لأنها بدون أصدقاء أقوياء .
نعم ، فمن يستطيع الاقتراب من السمكة المهرجة ، وهي بين لوامس شقيق البحر ؟ ومن يتمكن التعرض للسمكة المنظفة ، وهي تسبح إلى جانب القرش ؟ ومن يجرؤ على التحرش بسمكة الجوبي ، وهي ترتع في أحضان مرجان المخ ؟
ولأنها مجرد كشكوشة صغيرة ، وبدون صديق قوي ، تعرضت منذ يومين ، هي وإحدى أخواتها ، لهجوم من سمكة ضخمة ، والتهمت السمكة الضخمة أختها ، وكادت أن تلتهمها هي الأخرى ، لو لم تلذ بالفرار ، وتختبىء في شق صغير بين صخور المرجان .
وظلت في الشق ، حتى اليوم التالي ، ومع الأضواء الأولى للصباح ، خرجت تبحث عن بغيتها ، إن البحر مليء بالأسماك والكائنات القوية ، ولابد لها أن تجد من يصادقها ، ويدافع عنها ، ويحميها من الأسماك القوية المعتدية .
وسارت بمحاذاة الجدار المرجاني ، محاذرة الاقتراب من مرجان المخ ، فلن تنسى كيف أطلق قبل أيام ، خيوطاً حلزونية ، وسهاماً مسمومة ، نحو سمكة صغيرة مرت قربه ، فكبلها وخدرها ، ثم سحبها بهدوء ، وغيبها في فمه .
وانتبهت في الوقت المناسب ، إلى ثعبان بحري ، يطل برأسه من مخبئه ، ويتحين الفرصة للانقضاض عليها ، والتهامها ، فمالت بزعانفها ، وانطلقت بعيداً عن الجدار المرجاني .
يبدو أن من الصعب ، الحصول على صديق هنا ، فالمكان يعج بالأعداء ، ولكن مادامت المهرجة والمنظفة والجوبي قد وجدن أصدقاء ، فمن المحتمل أن تجد هي الأخرى صديقاً قوياً ، تلجأ إليه ، عندما يحدق بها أي خطر .
وها هو الخطر ، فأين الصديق ؟ ولاحت على البعد ، سمكة تشبه العصا ، أو الزمارة ، إنها سمكة الخرمان ، وتوقفت الكشكوشة الصغيرة ، وتراجعت إلى الوراء ، لكنها ما كادت تستدير ، حتى واجهتها أنياب سمكة العقام ، فانتفضت مرعوبة ، وضربت الماء بزعنفتها ، ولاذت بالفرار ، واستفزت هذه الحركة سمكة العقام ، فاندفعت في أثرها ، وقد فتحت فمها على سعته ، وظهرت أنيابه المرعبة القاتلة .
وأوشكت سمكة العقام ، أكثر من مرة ، أن تدرك الكشكوشة الصغيرة ، لكنها راحت تراوغها ، وتفلت من أنيابها ، وفجأة .. لاح الخلاص ، فقد أقبلت من بعيد سحابة ضخمة من أسماك الكشكوشة ، تمتد في صفوف متراصة ، على مسافة تربو المائة متر ، فأسرعت الكشكوشة الصغيرة ، ولاذت بأعماق السحابة ، وتوقفت سمكة العقام ، وقد أصيبت بالارتباك ، وسرعان ما تراجعت ، وآثرت الهرب .
وتنفست الكشكوشة الصعداء ، فهذه أول مرة تشعر فيها بأنها ليست صغيرة ، ولا ضعيفة ، فطولها أكثر من مائة متر ، وتخافها حتى سمكة العقام .    




ليست هناك تعليقات: