لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الأربعاء، 5 يوليو 2017

"زقزاقة الأسماك " قصة للأطفال بقلم: طلال حسن



زقزاقة الأسماك
 طلال حسن     
     " 1 "
ــــــــــــــــــ
    منذ أيام ، وسمكة اللشك ، الملقبة بالسمكة الصنارة ، تسأل عن السلحفاة العجوز ، وتبحث عنها في كلّ مكان ، دون جدوى .
لقد سمعت مراراً ، ومن أسماك عديدة ، أن السلحفاة العجوز تتحدث بإعجاب عن طائر صغير ، يعيش على اليابسة ، اسمه الزقزاق .
وتوقفت أخيراً عن السؤال والبحث ، فقد قيل لها ، إن السلحفاة العجوز ، مضت إلى اليابسة ، وأنها ستبقى هناك ، لفترة غير محددة .
وطالت فترة غياب السلحفاة العجوز ، بعيداً عن عالم محيط الباسفيك ، حيث تقيم في بيت على رمال القاع ، وربما لم تطل فترة الغياب ، أكثر من المعتاد ، لكن هذا ما شعرت به سمكة اللشك .
وذات أمسية ، جاءتها السمكة المهرجة ، وقالت لها متهللة : أبشري ، عادت السلحفاة العجوز .
وتساءلت سمكة اللشك بلهفة : أين هي الآن ؟
وردت السمكة المهرجة قائلة : في بيتها ، على رمال القاع .
وتطلعت سمكة اللشك حولها ، كان الليل يفرد ستائره المعتمة في كلّ مكان ، فقالت كأنما تحدث نفسها : غداً ، مع شروق الشمس ، سأذهب إليها .

     " 2 "
ـــــــــــــــــــ
    حاولت سمكة اللشك أن تنام ، لعلها ترتاح بعد تعب النهار ، لكنها لم تنم ، إلا نوماً متقطعاً ، ومضطرباً ، عند حوالي الفجر .
ومما أزعجها إزعاجاً شديداً ، حديثها عن طائر الزقزاق ، الذي يعيش على اليابسة ، وكأنه الأعجوبة الوحيدة من نوعها في الطبيعة .
لقد أشادت بشجاعته ، التي لا مثيل لها ، فهو يتقدم من التمساح ، ويدخل فمه المليء بأسنان كالخناجر ، ويخرج منه ، دون تردد أو خوف .
صحيح إنها لم تذكرها بسوء ، لكنها لم تتحدث مجرد حديث ، عن أعمالها التي تفوق ما يفعله طائر الزقزاق مع التمساح ، وهذا ما ستلومها عليه ، حين تذهب إليها غداً ، مع شروق الشمس .
وازداد انزعاجها من السلحفاة العجوز ، فها هو الليل قد انتصف ، دون أن يغمض لها جفن ، ولو أنها قد أنصفتها ، وتحدثت عنها ، كما تحدثت عن الزقزاق ، لكانت الآن تنعم بنوم عميق . 
ومرة أخرى تساءلت ، وهي تتقلب منزعجة ، لماذا لم تنصفها ، وتتحدث عن أعمالها ، التي يعرف الجميع أنها لا تقل جرأة عن أعمال طائر الزقزاق ، إن لم تفوقها غرابة وجرأة و .. خ خ خ خ .
واستغرقت سمكة اللشك في نوم عميق ، والفجر يطل شيئاً فشيئاً على العالم ، لكن السلحفاة العجوز لم تغب عنها حتى في منامها . 

      " 3 "
ـــــــــــــــــــــــ
    عند شروق الشمس ، أسرعت سمكة اللشك ، إلى السلحفاة العجوز ، ورأتها تجلس هادئة ، على رمال قاع البحر ، أمام باب بيتها .
واقتربت منها ، وقد تفاقم غيظها وانزعاجها ، وما إن رأتها السلحفاة العجوز مقبلة عليها ، حتى وقفت باسمة ، وقالت مهللة ، ومرحبة : أهلاً ومرحباً بعزيزتي ، أهلاً سمكة اللشك .
وقبل أن تردّ سمكة اللشك عليها ، قالت السلحفاة العجوز : تعالي إلى جانبي ، سأحدثك بالتفصيل عما قلته عنك لطائر الزقزاق .
ولاذت سمكة اللشك بالصمت ، وقد توقفت إلى جانبها ، فقالت السلحفاة العجوز : قلت له ، أيها الزقزاق ، لعلكَ أعجوبة بين الطيور ، على اليابسة ، لكن لدينا في البحر ، أعجوبة أكبر منكَ .
وصمتت لحظة ، وقد بدأ الفرح يشيع في أعماق سمكة اللشك ، وقالت السلحفاة العجوز : إنها سمكة صغيرة ، غاية في الجرأة والشجاعة ، اسمها اللشك ، تتسلق ظهور الأسماك والسلاحف ، لها قبضة قوية تمكنها من أن تدخل فم سمك القرش ، وتلتصق به آمنة ، وتتخير الطعام الذي يدخل فمه ، ثم تخرج من فمه حين تشبع ، وتسبح مبتعدة عنه .
ولبثت سمكة اللشك صامتة ، لا تنبس بكلمة واحدة ، ثم استدارت ببطء ، ومضت تشق الماء ، تسبح عائدة إلى مكانها ، وبدل الغيظ والانزعاج ، تملكها شعور بالرضا عن السلحفاة العجوز .
وراحت السلحفاة العجوز ، تتابع بنظرها الشائخ المتعب سمكة اللشك ، حتى غابت ، فهزت رأسها ، وقالت : آه جاءت سمكة اللشك ، لتقول لي شيئاً ، ترى ماذا أرادت أن تقول لي ؟

× ـ اللشك : سمك يكثر في مياه المحيط الباسفيكي ، يلتصق بقوة فوق ظهر
                     السمك والسلاحف ، ويدخل فم سمك القرش ، ويلتصق به ،
                     ويشاركه فيما يدخل فمه من طعام .

                                   24 / 9 / 2016



ليست هناك تعليقات: